مع أول خيوط الفجر، حين يتلاشى ظلام الليل ببطء ليبزغ نور يوم جديد، كانت تصلنا رسالة من صديقتي. رسالة قصيرة، لكنها تحمل في طياتها سكينة وطمأنينة عميقة. دعاء جميل، أو حكمة مضيئة، أو كلمة تدعو للتفاؤل، تعقبها عبارة بسيطة لكنها ذات أثر بالغ: “صلاة الفجر”.
كانت هذه العادة الصغيرة تتحول إلى طقس روحاني عميق، أشبه بنداء هادئ يربطنا بالله وببعضنا البعض. كنا ننتظر رسالة صديقتي كأنها شعاع نور يخترق عتمة هواتفنا ليضيء قلوبنا. لم تكن مجرد كلمات، بل كانت دفعة إيمانية، دعوة غير مباشرة لنلبي نداء الرحمن، ورسالة حب خفية تقول: أنا أذكّركم، لأني أحبكم.
في زحام الحياة، حيث تتراكم المشاغل والهموم، كانت هذه الرسالة بمثابة يد تمتد إلينا بلطف، توقظ أرواحنا قبل أن توقظ أجسادنا. كانت تذكرنا بأن هناك لحظة سكون وصفاء، لحظة تقابل فيها الأرض السماء، حيث تتنزل الرحمة، وتبدأ البركة، ويتشكل اليوم بروحانية مختلفة لمن أدركها.
اليوم، ورغم مرور الزمن، لا تزال ذكرى تلك الرسائل تملأ القلب بدفئها. ربما لم تعد صديقتي ترسلها، وربما تفرقت بنا الأيام، لكن أثرها بقي. بقي كإشراقة فجر في الروح، وكأنها تهمس لنا كل صباح: لا تنسوا صلاة الفجر… فالنور هناك.
No comments:
Post a Comment